أمريكا : فيلم فلسطيني جميل ... عابه السيناريو الضعيف.

أمريكا : فيلم فلسطيني جميل ... عابه السيناريو الضعيف.

Amreeka


تحذير:

المقال التالي يحتوي على بعض تفاصيل الفلم.





لطالما عانت السينما الفلسطينية الأمرين في توصيل رسالتها بسبب ظروف الاحتلال ، لكن هذه المرة يمكن القول بان السينما الفلسطينية تمر بمرحلة النضوج و تجاوزت جميع الشعارات الوطنية الجوفاء و السطحية لتحط في العمق على الرغم من الظروف القاسية و شح الإمكانيات والموارد المالية.

لم أتابع الكثير من الأفلام الفلسطينية كون أن السواد الأعظم منها كان وثائقيا أو عن المعاناة الاحتلالية المتراكمة على مر السنين وجميع القصص والافلام مكررة بشكل كبير ، او أن السينما العربية أمعنت بتصوير القضية الفلسطينية و الصراع بطريقة مثالية جداً بحيث أخلت بمصادقيتها بشكل كبير على الساحة العربية والدولية و فقدت قسماً كبيراً من المتابعين وان كانوا مخلصين لها.

لكن وبعد فيلم الجنة الآن أو Paradise Now الذي كان الفلم العربي الوحيد الذي ترشح للأوسكار قافزا عن المئات من الأفلام العربية التي فشلت أن تتخطى الإقليمية سابقاً العشرات من الدول العربية العريقة في الالنتاج المسرحي والسينمائي منذ عقود ، وكانت لفظة الممثل الأمريكي ويل سميث في حفل توزيع جوائز الأوسكار صرخة مدوية عندما أعلن ترشيح الفلم في العام 2005 لأفضل فيلم أجنبي جنباً إلى جنب من الفلم الصهيوني ميونخ Munich بعد أن قال الفلم عن دولة فلسطين ثم كررها مناطق السلطة الفلسطينية ، وبعد ضغوط مستميتة من جماعات الضغط في هوليوود فاز الفلم الجنوب الإفريقي توتسي Tutsi كحل وسط يرضي الجميع.


وحتى لا نبتعد يطل علينا فيلم أمريكا Amreeka وهو فيلم ذو طابع الكوميديا السوداء لكن على الطريقة الفلسطينية وهو يحكي قصة ام فلسطينية وهي الممثلة نسرين الفاعور بدور أم مطلقة (منى) تعيش في مدينة رام الله مع أمها و ابنها فادي و تعمل في احد البنوك وهي أم كادحة تعاني للإبقاء على ابنها يدرس في أحسن المدارس بعد تركها زوجة ليتزوج امرأة أجمل منها (وانحف)، لكنها تحصل على فرصة للهجرة على الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد ضغوط من ابنها فادي الذي يتحمس للسفر لأرض الفرص و الحريات تسافر و قد جمعت كل ماتملك للسفر لتسكن مع أختها التي هاجرت من البلاد منذ 15 سنة في مدينة صغيرة بالقرب من شيكاغو في ولاية الينوي ، لتصدم بالواقع المرير فقد سافرت في عام 2003 وهو سقوط بغداد لتجد العنصرية في التعامل مع العرب و يدعون ابنها بالمتطرف الإسلامي مع انه مسيحي ، كما أنها تصطدم بحاجز الشهادة التي لم تسعفها في العمل على الرغم من خبرته الكبيرة في البنوك وأضرت للعمل صاغرة في احد مطاعم الوجبة السريعة بالحد الأدنى للأجور و تكذب على عائلتها خوفا من الإحراج.


الفلم بشكل عام ممتاز من حيث التصوير و الإخراج و شخصيا تفاجئت من طريقته و أسلوبه ، فقد غابت مشاهد المظاهرات المبتذلة و المستهلكة لتحل محلها المشاهد التي تعبر عن معاناة الاحتلال من خلال مرورها اليومي عبر الحواجز و تحمل حقارة الجنود الإسرائيليين الموجودين على الحاجز والذين يتلذذون باهانتها وهي و ولدها وصراحة لقد لمست مصداقية كبيرة في هذه المشاهد وأحسست أنها نقلت بصدق ودون مبالغة خاصة أني عشت أنا شخصيا تحت هذه الظروف و خصت تجارب مماثلة ، واستطاعت المخرجة تجاوز امر التكرار و الابتذال في تناول موضوع الحواجز والجدار العازل بطريقة ذكية في رأيي المتواضع من خلال اللقطات السريعة و التي تركت للمشاهد أن يفهم المغزى منها.

الشخصيات كان أدائها مقبولا جدا و تمثيلها مقنع و الفلم صلت الضوء على الحياة بالطراز الأمريكي و ضريبة الغربة الباهظة من بعد عن الأهل ، وتأمرك الأولاد و حيادهم عن عادات الأهل و تقاليدهم و انخراطهم بالمخدرات و الجنس و الشراب ، ووقوعه بالمشاكل ناهيك عن العنصرية البغيضة والتي أظهرها الفلم من خلال مدير المدرسة والذي هو يهودي بولندي واظهر بشكل غير مباشر معاناته من التمييز كونه اقلي ، وبرأيي ربطت المخرجة بين فلسطينية المرأة ويهودية المدير بطريقة نوعا مقبولة خارج عن نطاق الصراع الديني بحيث أرادت المخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس ربط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه صراع على الأرض و ليس صراع ديني خاصة كما تروج له الصهيونية و كما انه أي المدير يساعدها و يتعاطف معها عندما يتم اعتقال ابنها فادي بعد أن تشاجر مع احد الطلاب كونة يعلم صعوبة التمييز و معنى أن تكون ابن احدى الاقليات.

جميع الممثلين كان أدائهم جيد جدا إلا أن الأداء اللافت كان لأخت منى غادة وهي الممثلة هيام عباس وكان تمثيلها متقناً و معبراً جداً و أتقنت دور الفلسطينية العنيدة المشتاقة للوطن.

عاب الفلم نوعا ما ضعف ترابط القصة خاصة في أخر الفلم و نهايته المفتوحة تركت فراغا في الهدف من الفلم خاصة في عدم اختيار بطلة الفلم العيش في أمريكا أو العودة لأرض الوطن بحيث ضاع الهدف من القصة ، كما انه لم يعطي السبب المقنع للهجرة للولايات المتحدة مع أن وضع الأم مستقر و مقبول مادياً بحيث سلطت المخرجة على الظروف الاجتماعية و الاحتلالية لتكون هي السبب الرئيسي للهروب من الواقع الفلسطيني المر.

كذلك تسليط الضوء على معاناة فئة من الشعب الفلسطيني الذي آمل انه جاء وليد الصدفة خاصة أن كل الفلسطينيين رازحون تحت الاحتلال بلا تمييز عن الجنس و اللون و الدين والذي اسعفتة المخرجة برأيي المتواضع في مشاهد الحواجز الإسرائيلية.


وحتى لا نظلم الفلم فان يعتبر تجربة سينمائية رائعة ورائدة و بذات الوقت متوازنة مقارنة مع شح الامكانيات المادية و الامكانيات التقنية و ضحالة التجربة السينمائية الفلسطينية مقارنة مع دول عربية عريقة جاوزت عمر السينما فيها مئة عام.

الفلم رائع و بسيط وبنفس الوقت جميل قد يرسم البسمة على وجهك و قد يرسم نظرة الألم مرة أخرى على الواقع الفلسطيني المرير ، بقي أن نذكر أن الفلم فاز بجائزة الجمعية الدولية لنقاد السينما من خلال مشاركته في مسابقة المخرجين الأجانب في الدورة 62 لمهرجان كان الدولي.


الفلم يستحق المشاهدة و انصح بمشاهدته ايضاً و أعطية كتقييم كلي 7.5/10 .

تعليقات

  1. By the way have you watched Paradise Now?and what do you think of it if you have

    ردحذف
  2. Rain:

    بالنسبة لفلم الجنة الان ,,, قصتو طويلة ,,, وبدها قعدجة بس صدقاً لازم ينحضر ... وتخيلي انو الفلم الفلسطيني الوحيد الى ترشح على الاوسكار ... في تاريخ السينما العربية ... واثار لغط ... لكن يستحق فعلاً المشاهدة ...

    ورح اكتب بالقريب العاجل مقالة مفصلة عنه ..

    ردحذف
  3. I wanna waaaatch it!!!!5ls enshallah qreeban
    I miss good movies wallah

    ردحذف
  4. القصة تبدو جميلة نوعا ما ، و حتى مع ضعف الخاتمة فاعتقد مثل تلك افلام تحتاج الى وقفة احترام ،

    أبدعت

    ردحذف
  5. حياك الله بادكتور ...
    نورت المدونة...

    الفلم ما قلت عنة سيئ فيه عيوب مقارنة مع افلام عربية برأيي الفلم يستحق التقدير ..

    واهلا وسهلا تاني مرة ...

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النينجا القاتل : قصة منتهى الدموية ... ذو حبكة درامية ضعيفة

عيد العمال العالمي.. عمّال على بطّال

مواطن ملتزم بالقانون : عندما يؤخذ الحق عنوه !